الصومال وإثيوبيا اتفقا على تنحية خلافاتهما والقضايا المتنازع عليها والمضي بأجواء التعاون تماشيا مع هدف الرخاء المشترك...
اتفق الصومال وإثيوبيا في "إعلان أنقرة" على نبذ الخلافات بينهما وتنحية القضايا المتنازع عليها، وذلك نتاجا للوساطة التي أدارتها تركيا بين البلدين.
جاء ذلك في بيان مساء الأربعاء، عقب مؤتمر صحفي مشترك عقده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الصومالي حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في العاصمة التركية أنقرة.
وبموجب الاتفاق الذي توصل إليه زعيما البلدين بوساطة تركية، تم الحفاظ على وحدة أراضي الصومال، مع التوصل إلى حل يضمن جهود إثيوبيا للوصول إلى البحر، كونها دولة حبيسة (غير ساحلية).
الأناضول جمعت أبرز التطورات المتعلقة بالأزمة بين البلدين وأسفرت عن خلافات إقليمية، إضافة إلى الجهود التركية للوساطة في حل النزاع.
أزمة "أرض الصومال"
اندلعت الأزمة بين إثيوبيا والصومال، الدولتين المتجاورتين في القرن الإفريقي، في الأول من يناير/كانون الثاني 2024.
وكان السبب وراء الأزمة مذكرة تفاهم بين أرض الصومال (صوماليلاند) وإثيوبيا، مهدت الطريق لإثيوبيا لـ"بناء قاعدة عسكرية وتطوير ميناء على البحر الأحمر".
وتتصرف "أرض الصومال" التي لا تتمتع باعتراف دولي منذ إعلانها انفصالها عن الصومال عام 1991، باعتبارها كيانا مستقلا إداريا وسياسيا وأمنيا، مع عجز الحكومة المركزية عن بسط سيطرتها على الإقليم، أو تمكن قيادته من انتزاع الاستقلال.
ولا تطل إثيوبيا على سواحل أو شواطئ، بعد انفصال إريتريا، المطلة على البحر الأحمر، عنها رسميا في 1993.
ونصت مذكرة التفاهم على أن تتمكن إثيوبيا من الوصول إلى مضيق باب المندب في خليج عدن عبر ممر تستأجره من أرض الصومال لمدة 50 عاما.
ويمكن لإثيوبيا، وفق الاتفاق، إنشاء قاعدة عسكرية ومنشآت تجارية هناك، مقابل حصول "أرض الصومال" على حصة لم تحدد من الخطوط الجوية الإثيوبية.
عارضت مقديشو بشدة هذه الخطوة التي سمحت لإثيوبيا بالعمل تجاريا وعسكريا على ساحل أرض الصومال، واعتبرت ذلك "تدخلا في شؤونها الداخلية".
وأعلنت الجامعة العربية في 3 يناير/كانون الثاني رفضها وإدانتها لمذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال.
وفي 17 يناير عقدت الجامعة اجتماعا عبر الإنترنت على مستوى الوزراء لمناقشة التوتر، إلا أنها لم تتوصل إلى حلول للأزمة.
ودعا الاتحاد الإفريقي إلى الاعتدال بين إثيوبيا والصومال، وردا على دعوة الحوار الموجهة إلى البلدين في 17 يناير، أعلن الصومال أنه لن يتفاوض مع إثيوبيا ما لم تنسحب من الاتفاق مع أرض الصومال.
وأعلنت حكومة مقديشو بعد توقيع إثيوبيا اتفاقا مع ولاية بونتلاند الصومالية في 4 أبريل/ نيسان الماضي لتطوير العلاقات في مختلف المجالات، قرارها طرد السفير الإثيوبي لدى مقديشو وإغلاق قنصليتيها.
مساعي تركيا للسلام في القرن الإفريقي
شددت تركيا التي تدخلت لحل الأزمة بين إثيوبيا والصومال، على ضرورة حماية سلامة أراضي البلدين ووحدتها منذ اليوم الأول.
ففي الأول من يوليو/ تموز الماضي التقى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان نظيره الإثيوبي تاي أتسقي سيلاسي والصومالي أحمد معلم فقي في أنقرة، ونشروا "بيان أنقرة المشترك" نتيجة اللقاءات التي حققت تقدما.
واستضاف فيدان الجولة الثانية من محادثات أنقرة التي جرت بين الصومال وإثيوبيا بوساطة تركيا في 12 آب/أغسطس.
وأكد الجانبان الصومالي والإثيوبي عزمها على حل الخلافات بالوسائل السلمية، وأعربا عن تقديرهما لتركيا لتسهيلاتها ومساهماتها البناءة، واتفقا على حل النزاعات وضمان الاستقرار الإقليمي.
كما التقى فيدان بنظيريه سيلاسي وفقي في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية في 27 سبتمبر/ أيلول الماضي.
وخلال الاجتماعات بحث الوزراء عن حل متوازن وممكن ومفيد لإنهاء التوتر بين البلدين، على أساس محادثات أنقرة.
إعلان أنقرة بين الصومال وإثيوبيا
الأربعاء، خطت تركيا خطوتها الأخيرة في عملية السلام في القرن الإفريقي بنشر "إعلان أنقرة" بين إثيوبيا والصومال.
واتفق الطرفان بروح الصداقة والاحترام المتبادل على تنحية خلافاتهما والقضايا المتنازع عليها جانباً والمضي قدماً بحزم في أجواء التعاون تماشيا مع هدف الرخاء المشترك.
كما أقر الطرفان بالفوائد المحتملة المتنوعة التي يمكن جنيها من وصول إثيوبيا الآمن إلى البحر ومنه، مع احترام وحدة الأراضي لجمهورية الصومال الفيدرالية.
واتفق البلدان على العمل معًا بشكل وثيق للتوصل إلى نتائج فيما يتعلق بالإجراءات التجارية ذات المنفعة المتبادلة من خلال الاتفاقيات الثنائية، بما في ذلك العقود والإيجارات والأدوات المماثلة، التي ستمكن إثيوبيا من التمتع بوصول آمن وسليم ومستدام إلى البحر ومنه، تحت السلطة السيادية للصومال.
وتماشيًا مع هذه الأهداف، وبتسهيلات من تركيا، قرر الطرفان بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير/شباط 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر.
ورحب الجانبان بدعم تركيا لتنفيذ هذه التعهدات، معربين عن امتنانهما للرئيس أردوغان لتمسكه المستمر بهذه المبادرة وهذه العملية.